التغلب على اضطراب التعلق
اضطراب التعلق هو اضطراب سلوكي يُؤثر على قدرة الشخص على تكوين علاقات مستقرة والحفاظ عليها. بينما يُعرف بشكل أكبر بين الأطفال، يمكن أن يظهر أيضًا لدى البالغين، غالبًا نتيجة مشكلات تعلق لم تُعالج أو تُشخص خلال الطفولة. يتطور هذا الاضطراب عندما يعجز الطفل عن بناء اتصال عاطفي ثابت مع أحد الوالدين.
على الرغم من عدم وجود تشخيص رسمي لاضطراب التعلق لدى البالغين، إلا أنه يُعتبر احتمالًا قائمًا. في هذه المقالة، سنستعرض مفهوم اضطراب التعلق، أنواعه وأعراضه، إضافة إلى خيارات العلاج المتاحة ومتى يكون من الضروري استشارة الطبيب
ما المقصود باضطراب التعلق لدى البالغين؟
نظرية التعلق تركز على كيفية تكوين الأفراد للروابط العاطفية وتعلمهم بناء العلاقات والحفاظ عليها، مستندة بشكل أساسي إلى الارتباط العاطفي الذي يتشكل مع أحد الوالدين خلال الطفولة. ويشير الخبراء إلى أن العوامل الوراثية قد تلعب دورًا غير مباشر في هذا السياق.
اضطرابات التعلق تُعد حالات واضحة يمكن تشخيصها، وتنقسم بشكل عام إلى نوعين رئيسيين:
- اضطراب التعلق التفاعلي (RAD): غالبًا ما ينتج عن سوء المعاملة أو الإهمال في مرحلة الطفولة المبكرة.
- اضطراب المشاركة الاجتماعية (DSED): عادةً يظهر نتيجة الإهمال خلال أول عامين من حياة الطفل.
أنواع اضطرابات التعلق بالتفصيل
هنا سنتناول بالتفصيل نوعين رئيسيين من اضطرابات التعلق، مع التأكيد على أن معايير كل نوع تعتمد على الأعراض التي تظهر على الشخص خلال مرحلة الطفولة. وهذه الأنواع هي:
اضطراب التعلق التفاعلي (RAD):
هذا النوع ينشأ عادة نتيجة الإهمال أو سوء المعاملة في مرحلة الطفولة المبكرة، وقد تظهر أعراضه بشكل أوضح خلال مرحلة المراهقة. وتشمل الأعراض النموذجية لدى المراهقين ما يلي:
- صعوبة في التفاعل مع الآخرين.
- إظهار القليل من التعاطف أو عدمه أثناء المواقف الاجتماعية.
- مواجهة صعوبة في تهدئة أنفسهم عند الشعور بالتوتر أو القلق.
- غالبًا ما يبدون غير سعداء، أو سريعي الانفعال، أو حزينين، أو يشعرون بالخوف عند الانخراط في الأنشطة اليومية.
إذا لم يتلق الطفل المصاب باضطراب التعلق التفاعلي علاجًا مناسبًا، فقد تستمر الأعراض وتنتقل معه إلى مرحلة البلوغ. تشمل الأعراض الشائعة لهذا الاضطراب لدى البالغين ما يلي:
- مقاومة التعبير عن المشاعر والعواطف.
- صعوبة في قراءة وفهم مشاعر الآخرين.
- انخفاض مستويات الثقة في النفس والآخرين.
- صعوبة في بناء العلاقات أو الحفاظ عليها.
- الميل إلى الغضب والتصرف باندفاعية.
- صورة ذاتية سلبية تؤثر على تفاعلاتهم مع الآخرين.
اضطراب المشاركة الاجتماعية (DSED):
هذا النوع من اضطرابات التعلق عادة ما يتطور نتيجة الإهمال الاجتماعي وغياب الروابط العاطفية المستقرة مع الوالدين أو مقدمي الرعاية خلال أول عامين من حياة الطفل. تشمل الأعراض الشائعة لدى الأطفال ما يلي:
- فرط النشاط بشكل ملحوظ.
- ضعف أو قلة العلاقات الاجتماعية مع الآخرين.
- تعلق مفرط وغير متوازن بمقدمي الرعاية أو البالغين الآخرين.
- الميل إلى التعامل مع الغرباء بثقة مفرطة وبلا تحفظ.
إذا لم يُعالج هذا الاضطراب بشكل فعال خلال الطفولة، فإن الأعراض غالبًا ما تستمر حتى مراحل المراهقة والبلوغ. تشمل الأعراض الشائعة لدى المراهقين والبالغين:
- فرط النشاط المستمر.
- الثقة الزائدة بالآخرين، بما في ذلك الأشخاص الذين لا يعرفونهم جيدًا.
- نقص الوعي بالحدود الاجتماعية المتعارف عليها.
- الميل إلى طرح أسئلة شخصية ومتطفلة على الغرباء.
- التعامل باندفاعية وعدم التفكير في العواقب.
تعرف ايضا على ما الذي يسبب الانسحاب الاجتماعي؟(الانعزال عن العالم)
أهمية التشخيص والعلاج:
يتطلب كل من اضطراب التعلق التفاعلي واضطراب المشاركة الاجتماعية المحظورة اهتمامًا متخصصًا للتشخيص الدقيق والعلاج. تدخلات العلاج النفسي، إلى جانب الدعم الأسري، تلعب دورًا محوريًا في تحسين الأعراض وتعزيز جودة الحياة. تأخير العلاج قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض وجعل التأقلم الاجتماعي أكثر صعوبة مع التقدم في العمر.
اضطراب التعلق وتأثيره على العلاقات لدى البالغين
تُعد اضطرابات التعلق التي تنشأ في مرحلة الطفولة ذات تأثير كبير على العلاقات في مرحلة البلوغ. غالبًا ما يواجه الأفراد المصابون بهذا الاضطراب صعوبات في الثقة بالآخرين والشعور بالأمان في العلاقات. نتيجة لذلك، قد يجدون تحديات في بناء الصداقات أو الحفاظ على العلاقات العاطفية.
اضطراب التعلق القلق
إذا كنت تعاني من نمط التعلق القلق، فقد تظهر عليك مجموعة من الأعراض التي تؤثر على طريقة تفاعلك مع الآخرين وعلى علاقاتك الشخصية، مثل:
- الحاجة المفرطة للشعور بالتقدير والرغبة.
- قضاء وقت كبير في التفكير المستمر بالعلاقات.
- الميل إلى تعظيم الشركاء وإضفاء أهمية كبيرة عليهم.
- الحاجة المستمرة لتلقي التطمينات من المقربين، والشعور بعدم الأمان إذا لم تُلبَّ تلك الحاجة.
- الشك في مشاعر الآخرين تجاهك إذا لم يقدموا لك الطمأنينة المطلوبة.
- في العلاقات العاطفية، قد تعتقد أن شريكك مستاء منك أو يفكر في إنهاء العلاقة. هذه المخاوف قد تزيد من حساسيتك تجاه تصرفات الآخرين، مما يدفعك لتفسير بعض سلوكياتهم بشكل خاطئ على أنها دليل على أنك قد تفقدهم.
المضاعفات المحتملة لاضطرابات التعلق
على الرغم من عدم وجود أدلة علمية تربط بشكل مباشر بين اضطرابات التعلق وبعض المشكلات مثل الانفصال أو تعاطي المخدرات، إلا أن هذه الاضطرابات، إذا لم تُعالج في الطفولة واستمرت إلى البلوغ، قد تؤدي إلى:
- تدني احترام الذات.
- هشاشة عاطفية.
- صعوبة التفاعل في المواقف الاجتماعية.
- القلق والاكتئاب.
- الشعور بالتفكك العاطفي.
- الميل إلى إساءة استخدام المواد المخدرة.
كيفية علاج اضطرابات التعلق
يتضمن علاج اضطراب التعلق عادةً جلسات العلاج النفسي، سواء في الطفولة أو البلوغ. يُعتبر العلاج النفسي الفردي فعالًا للغاية في مساعدة البالغين على التعامل مع آثار التجارب السلبية التي تعرضوا لها في وقت مبكر. وقد تشمل طرق العلاج:
- العلاج النفسي الفردي: يهدف إلى فهم تأثير التجارب السابقة وتطوير أساليب صحية للتعامل مع المشاعر وبناء علاقات أفضل.
- استشارات الأزواج: تُساعد على تعزيز الروابط بين الشريكين وفهم كيفية تأثير اضطراب التعلق على العلاقة والعمل على تحسينها.
- جلسات دعم عاطفي: لتمكين الشخص من إنشاء ارتباطات أكثر أمانًا واستقرارًا.
متى يجب استشارة الطبيب؟
- يحتاج أي طفل تعرض للإهمال أو سوء المعاملة إلى دعم نفسي بغض النظر عما إذا كان يعاني من اضطراب التعلق أم لا.
- إذا لاحظ شخص بالغ أن أفكاره أو سلوكياته تؤثر سلبًا على علاقاته أو صحته النفسية، يُنصح بالتحدث مع معالج نفسي.
- يُمكن أن يستفيد البالغون الذين تعرضوا لسوء معاملة في الطفولة من مناقشة تلك التجارب مع متخصصين لمساعدتهم على التعامل مع الجروح النفسية القديمة وتحسين حياتهم العاطفية والاجتماعية.
- الأسئلة الشائعة حول اضطراب التعلق عند البالغين
-
ما أسباب اضطراب التعلق لدى البالغين؟
- لا تقتصر أسباب اضطرابات التعلق عند البالغين على التجارب المبكرة في الطفولة، بل قد تنشأ أيضًا نتيجة أحداث صادمة في مرحلة البلوغ، مثل فقدان شخص مقرب، التعرض للهجر، أو الخيانة، مما يؤدي إلى ظهور مشكلات تعلق.
- كيف يمكن معالجة مشكلات التعلق عند البالغين؟
- العلاج النفسي يُعد من أكثر الطرق فعالية، حيث يساعد الأفراد على التعرف إلى أنماط التفكير والسلوكيات التي تعيق بناء علاقات صحية. بمجرد معالجة هذه الجوانب، يمكن تطوير استراتيجيات للتكيف وتحسين العلاقات.
- هل يمكن تشخيص اضطراب التعلق التفاعلي عند البالغين؟
- من النادر أن يحصل البالغون على تشخيص رسمي لاضطراب التعلق التفاعلي، حيث يرتبط هذا التشخيص عادة بالأطفال. مع ذلك، يمكن أن تستمر آثار اضطراب التعلق منذ الطفولة، مما يؤدي إلى مشكلات دائمة تتعلق بالثقة وصعوبة بناء العلاقات.
- نصيحة هامة:
- على الرغم من أن اضطراب التعلق يتم تشخيصه غالبًا في مرحلة الطفولة، فإن غياب العلاج المناسب قد يؤدي إلى استمرار الأعراض حتى البلوغ. لهذا، يُنصح الأشخاص الذين يواجهون صعوبات في العلاقات الاجتماعية أو الشخصية بمراجعة معالج نفسي للحصول على الدعم المناسب.